جدول المحتويات

في العقد الأخير، تزايدت وتتزايد أعداد اللاجئين الذين يضطرون إلى مغادرة أوطانهم بسبب النزاعات المسلحة (الحروب، الاضطهاد، الكوارث الطبيعية). ويرافق هذه المشقة تحديات جسدية واجتماعية حتمية، ناهيك عن التحديات النفسية العميقة التي يمكن أن تؤثر على حياتهم وصحتهم النفسية بشكل كبير.

التحديات النفسية التي يواجهها اللاجئون

تعد التحديات النفسية من أصعب الأمور التي يمكن أن تواجه الإنسان لأنها تتعلق بالتعامل مع مشاعر العزلة، الخوف، والضغوط النفسية. اللاجئون لا يهربون فقط من ظروفهم المعيشية القاسية، إنما يحملون معهم عبئاً نفسياً ثقيلًا، ناتجاً عن الصدمات التي تعرضوا لها أو الأحداث التي شهدوها.

أولاً: الصدمة النفسية

واحدة من أكثر التحديات النفسية الشائعة بين اللاجئين هي الصدمة النفسية وتترأس قائمة قائمة الضغوط النفسية. فغالباً ما يفر اللاجئون من مناطق النزاع المسلح أو الاضطهاد، وقد شهدوا أو تعرضوا لعنف جسدي أو نفسي شديد. طفل يتلقى خبر سيء في المشفى الصدمة النفسية قد تكون ناتجة أيضاً عن مشاهدتهم للقتل، أو الاعتداءات الجسدية، أو فقدان أفراد الأسرة والأحباء، ما يجعلها تجارباً مريعة هذه تترك أثراً نفسياً عميقاً يمكن أن يستمر لفترات طويلة. من أبرز مظاهر الصدمة النفسية اضطراب ما بعد الصدمة، والذي يظهر على شكل ذكريات مؤلمة متكررة، كوابيس، وزيادة في الاستجابة للمنبهات الحسية. وغالباً ما يعاني اللاجئين المصابين بالصدمات النفسية من صعوبة التكيف مع بيئاتهم الجديدة، ويشعرون بعدم الأمان والخوف المستمر، مما يؤثر على قدرتهم على بناء حياة مستقرة. وتعد الصدمة النفسية تحدياً كبيراً نظراً لتعقيدها وارتباطها بتجارب الماضي التي يصعب التخلص منها، كما أن عدم وجود دعم نفسي متخصص في المخيمات أو المجتمعات المضيفة يزيد من صعوبة التعافي من هذه الصدمات، ما يطيل من فترة المعاناة.

ثانياً: الغربة والشعور بالانفصال

إلى جانب الصدمة النفسية، يشعر اللاجئون بالغربة والاغتراب عن المجتمعات التي يلجأون إليها.
  1. الشعور ينبع من الانفصال الجغرافي والثقافي عن موطنهم الأصلي، حيث يفقد اللاجئون التواصل مع هويتهم وثقافتهم ولغتهم. هذا الانفصال يعزز من الشعور بالعزلة والانطواء.
  2. التغيرات الجذرية التي يواجهها اللاجئون في حياتهم اليومية، من الانتقال إلى بيئات جديدة ومجهولة إلى الصعوبات في فهم لغة وثقافة المجتمع المضيف، تساهم في تعزيز مشاعر الغربة. الكثير من اللاجئين يعانون من صعوبة بناء علاقات اجتماعية جديدة، مما يفاقم الشعور بالوحدة والعزلة النفسية.
  3. اللاجئون غالباً ما يشعرون بعدم الانتماء للمجتمع الجديد، ما يزيد من احتمالية تدهور صحتهم النفسية.
  4.  الشعور بالغربة ليس فقط نتيجة الفروق الثقافية، بل هو أيضًا نتيجة لتفكك الشبكات الاجتماعية والداعمة التي كانت تشكل جزءًا أساسيًا من حياتهم قبل اللجوء.امرأة لاجئة في أوروبا

ثالثاً: القلق وعدم اليقين

يعيش اللاجئون في ظل ظروف مليئة بعدم اليقين، فهم لا يعرفون متى أو كيف ستنتهي رحلتهم، أو ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة إلى أوطانهم أو بناء حياة مستقرة في بلد آخر أم أنهم سيضطرون للهجرة من جديد. هذا الشعور بعدم اليقين يولد مستويات عالية من القلق والتوتر.
  • القلق ينبع من المستقبل المجهول: هل سيتمكنون من الاستقرار في بلد جديد؟ هل سيتم قبول طلبات اللجوء الخاصة بهم؟ هل سيتمكنون من الحصول على التعليم والعمل والرعاية الصحية؟ هذه الأسئلة والمخاوف تؤدي إلى حالة مستمرة من التوتر الذي يفاقم الحالة النفسية.
  • القلق المستمر قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، كما أنه يؤثر على الأداء اليومي ويجعل من الصعب على اللاجئين التكيف مع بيئتهم الجديدة. علاوة على ذلك، فإن القلق بشأن مصير أفراد الأسرة الذين ربما ما زالوا في مناطق النزاع يضيف عبئًا نفسيًا إضافيًا.
welcoming refugees in Germany

رابعاً: التمييز والعنصرية

على الرغم من أن اللاجئين يبحثون عن الأمان والحماية في المجتمعات المضيفة، فإن بعضهم يواجهون التمييز والعنصرية، ومفرزاتها النفسية كثيرة:
  1. التمييز قد يظهر في صور مختلفة، بدءاً من التعليقات العنصرية، وصولاً إلى الاستبعاد الاجتماعي أو حتى القيود القانونية التي تفرض على حقوقهم في العمل أو الحصول على الخدمات.
  2. يعزز التمييز من هذا النوع من الشعور بعدم الانتماء ويزيد من الضغوط النفسية التي يعاني منها اللاجئون، كما أن التعرض للعنصرية قد يؤدي إلى مشاعر الدونية والإحباط، وقد يفاقم من حالات القلق والاكتئاب التي يعانون منها مسبقًا.
  3. يؤثر التمييز على فئة الأطفال بشكل يستدعي الانتباه والمراعاة، فيمكن أن يعزز من شعورهم بالاغتراب ويؤدي إلى تراجع في الأداء الدراسي والاجتماعي.
  4. الشعور بالرفض الاجتماعي والعنصرية يمكن أن يحد من قدرة اللاجئين على بناء شبكات دعم اجتماعية في مجتمعاتهم الجديدة، مما يزيد من شعورهم بالعزلة والوحدة.
  5. لذلك، التمييز يعتبر واحداً من أكبر التحديات النفسية التي تؤثر على عملية التكيف والاندماج الاجتماعي.
جلسة دعم نفسي للأطفال

آثار الصحة النفسية على اللاجئين

  1. اللاجئون الذين يعانون من التحديات النفسية المختلفة معرضون لمجموعة من المشاكل الصحية، من أبرزها اضطرابات القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى اضطرابات ما بعد الصدمة، ويمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى تأثيرات طويلة الأمد على حياتهم اليومية وصحتهم البدنية.
  2. عندما لا يحصل اللاجئون على الرعاية النفسية اللازمة، تتفاقم مشاكلهم النفسية ويمكن أن تؤدي إلى سلوكيات ضارة مثل العزلة الاجتماعية أو حتى تعاطي المخدرات.
  3. الصحة النفسية السيئة تؤثر على القدرة على التكيف مع الحياة الجديدة وتحد من فرص اللاجئين في بناء حياة مستقرة.
  4. الأطفال الذين يعانون من تجارب الصدمة والنزوح يكونون أكثر عرضة لمشاكل نفسية طويلة الأمد، قد تؤثر على تطورهم العاطفي والاجتماعي، مما يتطلب تدخلات سريعة ومكثفة لحمايتهم.

أهمية الدعم النفسي للاجئين

في ظل كل هذه التحديات، تصبح أهمية الدعم النفسي للاجئين أمراً بالغ الأهمية. تقديم الدعم النفسي يمكن أن يكون خطوة حاسمة في مساعدة اللاجئين على تجاوز تجاربهم الصعبة وبناء حياة جديدة، كما يجنب المجتمع المضيف من التبعات الاجتماعية المترتبة على إهمال هذه الفئة، لا بل يطوع الأخيرة لإفادة المجتمع المضيف. ويشمل برنامج الدعم النفسي تقديم الرعاية النفسية المتخصصة، إلى جانب توفير بيئة اجتماعية داعمة، ويجب أن يشمل البرنامج تقديم خدمات استشارية ونفسية للاجئين، مع التركيز على معالجة الصدمات النفسية. كما يجب توفير دعم خاص للأطفال اللاجئين، الذين قد يكونون أكثر عرضة للصدمات النفسية بسبب تعرضهم لتجارب النزوح في سن مبكرة. إلى جانب العلاج النفسي، يمكن لبرامج الاندماج الاجتماعي أن تلعب دوراً كبيراً في مساعدة اللاجئين على الشعور بالانتماء لمجتمعاتهم الجديدة. يجب أن تركز هذه البرامج على تعليم اللغة والثقافة المحلية، إلى جانب توفير فرص للتواصل الاجتماعي وبناء شبكات دعم جديدة.  

الأسئلة الشائعة

لم يتم العثور على سكيما (schema) .

إقرأ المزيد