لا يمر عام على المسلم إلا وعليه فريضة يجب أن يؤديها، وهي فريضة الزكاة، وفرض الله تعالى الزكاة على كل مسلم يمتلك مقداراً معيناً من المال، كطريقة ضامنة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل بين المسلمين وعدم إهمال الفقراء، فضلاً عن تطهير المال، وقتل أوجه الشح والبخل.

وتعدّ الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، إذ قال رسول الله ﷺ: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً”، رواه البخاري ومسلم.

 

زكاة المال ليس عبادة فحسب

تتعدد وتتشعب سبل إخراج المسلم لزكاة ماله، ومن بين هذه السبل الزكاة بالمال.

ولا تعدّ زكاة المال عبادة فحسب، بل هي حق للمسلم الفقير في مال المسلم المقتدر، وفي هذا قال أفضل الخلق محمد ﷺ: “ما نقص مال من صدقة” (رواه مسلم).

ويضاف إلى ذلك قول الله تعالى في سورة التوبة: “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا”.

 

جرة تجمع فيها التبرعات - صورة تعبيرية

ما الفرق بين الصدقة والزكاة؟

يفصل الصدقة والزكاة حكم شرعي ويكون على النحو الآتي:

  • الصدقة النافلة

وهي مستحبة، ويدل عليها قوله تعالى في سورة البقرة: “إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”.

  • الزكاة (الصدقة المفروضة)

وحكمها الوجوب، فهي تتموضع بين أركان الإسلام الخمسة، وورد الأمر الإلهي فيها بعدد من الآيات، نختار منها: “وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ”، سورة البقرة.

 

فضل زكاة المال وأجرها في القرآن والسنة

تطهر الزكاة مال صاحبها وتضاعفه، وهي قربة من القربات إلى الله تعالى طالما أن المسلم يقدّم هذه الزكاة بنفس مؤمنة، طالبة لرضى الله تعالى.

كما أنها تنقي نفسه من الطمع وحب المال، ولا تختلف الزكاة في فضلها عن الصدقة، فالصدقة تطهر النفس كذلك، وتمنع فيها أسباب البخل والأنانية.

ففي العموم، إخراج الزكاة هو عمل عبادي له أجر عظيم في الدنيا والآخرة، ووعد الله تعالى في القرآن الكريم من يؤدي الزكاة من عباده بمغفرة الذنوب والرحمة: ” إِلَّا الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ، وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ “، المعارج.
ومن السنة النبوية، يقول النبي ﷺ: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” (رواه الترمذي)، مما يبين أن الزكاة فرصة كبيرة لتضهير المال والنفس البشرية من خطاياها وذنوبها.
وفي حديث آخر، قال رسول الله ﷺ: “إن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم” (رواه البخاري ومسلم)، مما يدل على أن الزكاة هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل في المجتمع.

 

نصاب زكاة المال

النصابهو الحد الأدنى من المال الذي يجب أن يمتلكه الشخص قبل أن تكون الزكاة واجبة عليه.

ويُحسب نصاب زكاة المال بناءً على قيمة 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة.

وبالطبع هذه القيمة تختلف على حسب تغيرات أسعار الذهب والفضة في السوق، ولكن إذا بلغ المال ما يعادل قيمة هذا النصاب، وجبت فيه الزكاة بنسبة 2.5% من إجمالي المبلغ.

 

مثال توضيحي على ذلك:

كيفية حساب زكاة المال

إذا كان سعر جرام الذهب مثلًا 60 دولاراً (سعر تقريبي يتغير يومياً)، فإن النصاب سيكون:
85 × 60 = 5100 $

نسبة الزكاة:

الزكاة = 2.5% من قيمة الذهب.
ناتج الزكاة = 5100$ × 0.025 = 127.5$.

أما إذا كنت ستتبرع من أصل المال، فلنفترض أنه لديك 7000 دولار أمريكي، ومر على هذا المال سنة هجرية كاملة، فإنك يجب أن تدفع الزكاة بنسبة 2.5% من إجمالي المبلغ.

7000 × 0.025 = 175 $
ملاحظة: تحتاج دائماً إلى التأكد من سعر الذهب اليومي عند حساب النصاب بالدولار الأمريكي، لأنه قد يتغير بناءً على السوق.

 

شروط زكاة المال

حتى يكون المال خاضعاً للزكاة، هناك عدة شروط يجب توافرها:

  • الملكية الكاملة يجب أن يكون المال مملوكاً بالكامل لصاحبه ولا يوجد عليه أي حقوق أو ديون واجبة السداد.
  • النصاب: يجب أن يبلغ المال النصاب الشرعي، وهو مقدار معين من المال يُحدد وفقًا لقيمة الذهب أو الفضة.
  • حولان الحول: يجب أن يمر على المال سنة هجرية كاملة منذ وقت امتلاكه، وهذا ما يعرف بـ “حولان الحول”.
  • الزيادة عن الحاجات الأساسية: الزكاة تجب فقط على الأموال التي تزيد عن حاجات الشخص الأساسية، مثل المأكل والمشرب والمسكن.
  • الخلاء من الديون: لا تجب الزكاة على المال الذي يجب دفعه لسداد الديون.

 

خيارات التبرع بزكاة المال

هناك العديد من الخيارات الشرعية للتبرع بزكاة المال، ويمكن للمسلمين توجيه زكاتهم إلى المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تعمل على توزيع الأموال على المستحقين، كما يمكن إعطاؤها بشكل مباشر للمستفيدين الذين تنطبق عليهم شروط استحقاق الزكاة. من أهم الفئات التي يمكننا إفادتها:

  1. الفقراء: الذين لا يجدون قوت يومهم أو يجدون جزءًا منه فقط.
  2. المساكين: الذين يجدون كفايتهم ولكن بصعوبة.
  3. العاملون على جمع الزكاة: الأفراد المكلفون بجمع وتوزيع الزكاة.
  4. المؤلفة قلوبهم: الأشخاص الذين دخلوا الإسلام حديثًا أو يرغبون في تقوية إيمانهم.
  5. الرقاب: لتحرير العبيد والمعتقلين ظلماً.
  6. الغارمين: الأشخاص الذين تراكمت عليهم الديون ولا يستطيعون سدادها.
  7. في سبيل الله: لدعم الدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله.
  8. ابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به السبل ولا يستطيع العودة إلى بلده.

وهو ما ورد في قوله تعالى في سورة التوبة: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”.

 

زكاة المال

 

أوقات دفع زكاة المال.. هل يوجد استثناءات؟

الزكاة يجب دفعها بعد مرور سنة هجرية كاملة على المال المكتسب الذي بلغ النصاب (حال الحول عليه).

لكن يجوز تسريع دفع الزكاة قبل حلول موعدها إذا دعت الحاجة لذلك، مثل وجود حالات طارئة أو وجود فقراء بحاجة ماسة إلى المساعدة. ويستحب أن تكون الزكاة مدفوعة خلال شهر رمضان نظراً لأجره الكبير، ولكنها ليست ملزمة بهذا الوقت.

 

لمن لا يجب دفع زكاة المال

هناك بعض الفئات التي لا يجوز إعطاؤها الزكاة، ومن هذه الفئات:

  1. الأغنياء: الذين يمتلكون ما يكفيهم ولا يحتاجون إلى مساعدة.
  2. أهل البيت: آل النبي ﷺ، حيث قال النبي ﷺ: “إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد”، رواه مسلم.
  3. الوالدين والأبناء: لا يجوز دفع الزكاة للأصول (الوالدين والأجداد) أو الفروع (الأبناء والأحفاد)؛ لأنهم مسؤولية الشخص نفسه.
  4. الزوجة أو الزوج: لا يجوز دفع الزكاة للزوج أو الزوجة، لأن النفقة واجبة بينهما.

 

ما الطريق لإخراج زكاة الذهب

في وقتنا الحالي، هناك طرق كثيرة لإخراج زكاة المال، ولكن يمكنكم الوثوق بجمعية غراس الخير الإنسانية التي تعمل في المجال الإنساني منذ أكثر من 10 سنوات، والتي كان لها الشرف بإفادة أكثر من 3.1 مليون إنسان في الشمال السوري وعرسال بلبنان وغزة المحاصرة.

وعليه ندعوكم لكسب أو إكساب أنفسكم الثواب العظيم من زكاة المال، وذلك بالاطلاع على الحملات الخيرية في جمعية غراس الخير الإنسانية

 

الأسئلة الشائعة

كيف يتم احتساب زكاة المال؟

سبة الزكاة من المال هي اثنان ونصف في المائة 2.5% ومن كل ألف خمسة وعشرون ومن كل أربعين ألفا فزكاته ألف، ويمكن أن تستخرج قيمتها بقسمة المال على 40، فيظهر لك قيمة مبلغ الزكاة.

ما هو مقدار المبلغ الذي تجب فيه الزكاة؟

لزكاة تجب في المال إذا توفرت فيه شرطان: الأول أن يبلغ نصابا وهو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب أو ما يعادل خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة. الثاني: أن يمر عليه حول هجري من اكتمال النصاب، وهذا المال الذي ذكرت لا يتوفر فيه هذان الشرطان وعليه فليس فيه زكاة

ما هو نصاب زكاة المال النقدي؟

إذا كان المبلغ المذكور يبلغ النصاب أو يزيد عليه، وحال عليه الحول، فإن الواجب فيه ربع العشر اثنين ونصف بالمائة، وهي ثمان مائة وخمسة وعشرين. والنصاب هو ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراما من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة

كيف طريقة حساب زكاة المال؟

هناك طريقة ثانية وتتم من خلال تقسيم مجموع المبلغ المراد إخراج زكاته على مئة والناتج يُضرب في 2.50، فمثلاً لنفترض أنّ المبلغ المراد إخراج الزكاة منه هو 100000 دولار، فتحسب الزكاة كما يلي: 100000/100= 1000* 2.50 = 2500 دولار

كم نصاب المال الواجب فيه الزكاة 2024؟

تتعدد طرق حساب نصاب الزكاة حيث إنه كل نوع من المال له طريقة حساب خاصة به واتفق الفقهاء على نصاب الزكاة 2024 بأنواعها حيث يبلغ النصاب ربع العشر من المال (2.5 %) بشرط أن يكون قد مر عليه عام كامل وأن تكون قيمة المال تعادل ٨٥ جرام من الذهب الخالص أو ٥٩٥ جرام من الفضة.

ما هي كيفية حساب زكاة المال المدخر من الراتب؟

في حال لم يحل حول قمري كامل على المال المدخر لا تجب عليه الزكاة، كمثال: (نصاب الزكاة عشرون ألفاً فلا تجب الزكاة إلا بعد وصول مجموع المال عشرون ألفا ثم مرور الحول عليه دون أن ينقص عن النصاب – عشرون ألف – فحينئذ يجب إخراج قيمة الزكاة منه وتكون ربع العشر أي 2.5%.)

المراجع:

إسلام ويب

دار الإفتاء المصرية

الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي