قال الله تعالى في كتابه العزيز: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”، قد يتردد البعض في دفع الصدقة لضيق مادي يعانيه أو لأسباب مادية أخرى، ولكن الله جل جلاله وعدنا بأن الصدقة ستعود علينا بخيرات ورزق، فضلاً عن ثوابها الكبير.

فتعد الصدقة من أعظم العبادات التي حث عليها الإسلام، وبها يترجم المسلم إحساسه بالآخرين الأقل حظاً ويعكس إحسانه ورحمته بهم، فبتطبيق الصدقة يمكّن المسلمون بعضهم البعض، كذلك هي وسيلة للتقرب إلى الله عز وجل، وتساهم في دعم المحتاجين وتخفيف الأعباء عنهم.

إلى جانب ذلك، تحمل الصدقة في طياتها بركة عظيمة، فهي وسيلة لدفع البلاء وحماية المؤمن من الشرور والمصائب.

تعريف الصدقة

الصدقة هي العطاء الذي يقدمه المسلم بنية التقرب إلى الله تعالى، سواء كان مالاً أو طعاماً أو أي نوع من أنواع الخير والإحسان.

العطاء (تعبيرية)

يمكن أن تكون الصدقة مالية أو معنوية، حيث تشمل الأموال التي تُعطى للفقراء والمحتاجين، وكذلك الأعمال الخيرية التي تُؤدى من أجل الآخرين، ويقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” (سبأ: 39)، مما يدل على أن الصدقة تجلب البركة في الرزق وتكون سبباً في دفع البلاء.

آيات دفع البلاء بالصدقة

وردت العديد من الآيات القرآنية التي تشير إلى فضل الصدقة وتأثيرها الإيجابي في حياة المسلم، ومنها ما يوضح أنها وسيلة لدفع البلاء.

  • يقول الله تعالى: “وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ” (البقرة: 195)، في هذه الآية، يخبرنا الله تعالى بأن الإنفاق في سبيل الله يعدّ حماية للمسلم من التهلكة والبلاء.
  • ويقول تعالى أيضًا: “إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ” (فاطر: 29)، وهذا يؤكد أن الصدقة في السر والعلن هي سبب للرزق ودفع المكاره.
  • وفي سورة البقرة قال العلي العظيم: “”الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُم بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”.

أحاديث عن الصدقة ودفع البلاء

أورد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تبين أثر الصدقة في دفع البلاء.

  • ومن هذه الأحاديث يقول سيد الخلق: “داووا مرضاكم بالصدقة”، وهو دليل بيّن على أن الصدقة ليست فقط وسيلة للإحسان للفقراء، بل إنها علاج روحي وسبيل لدفع الأمراض والبلاء عن المسلم.
  • ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: “الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء” (رواه الترمذي)، مما يدل على أن الصدقة تكسب الإنسان رضىً من الله وتحميه من الميتة السوء.

حكم الصدقة في دفع البلاء

كما أسلفنا آنفاً، الصدقة مستحبة دائماً، وهي من أعظم الأعمال الصالحة، ولا سيما فيما يتعلق بدفع البلاء، فهي وسيلة مؤثرة لتحقيق ذلك استناداً إلى نصوص شرعية والأحاديث والآيات المذكورة أعلاه والتي تؤكد أن الصدقة تصرف السوء وحتى ميتة السوء، وتزيد في الرزق، وتفتح أبواب الرحمة.

وأجمع الفقهاء على أن الصدقة من أعظم وسائل دفع البلاء عن المسلم، سواء كان ذلك بلاءً دنيوياً أو أخروياً.

فضل الصدقة في دفع البلاء

فضائل الصدقة عظيمة، ومن أهمها ما يتعلق بدفع البلاء والمصائب عن المسلم. ففي الحديث النبوي الشريف: “الصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار” (رواه الترمذي).

الصدقة كذلك تعد وسيلة للمحافظة على حياة المسلم ومن الممكن أن تغير الأقدار والبلايا المكتوبة.

أفضل الصدقات لدفع البلاء

أولاً: سقيا الماء

بالحديث عن أفضل الصدقات، فهي التي تُخرج بصدق ونية خالصة لله تعالى، ولعل أبرزها وأهمها سقيا الماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصدقة سقي الماء” (رواه أحمد)،  وذلك لما فيها من نفع كبير للناس.

ثانياً: إنفاق المال

وأيضاً من الصدقات الطيبة، إنفاق المال على المحتاجين والفقراء، سواء كان ذلك سراً أو علانية، هو من أفضل أنواع الصدقات.

ثالثاً: إطعام الطعام

يُعد إطعام الطعام من أنواع الصدقات التي يؤجر عليها المسلم، وله أثر كبير في تحقيق الأجر والثواب، ورفع البلاء.

من الأدلة على ذلك، قول الله تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” (سورة الإنسان: 8).

وفي الحديث النبوي: “أفضل الأعمال أن تُدخل على أخيك المسلم سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً”.

رابعاً: الصدقة المعنوية

ويمكن أيضاً أن تكون الصدقة غير مادية، كالتبرع بالوقت أو الجهد في سبيل الخير، وحتى ابتسامة المسلم في وجه أخيه المسلم صدقة.

 

 

من ثمرات الصدقة

للصدقة العديد من الثمرات التي تنعكس على الفرد والمجتمع. فهي تساهم في تحقيق التوازن الاجتماعي وتقلل من الفجوة بين الأغنياء والفقراء. ومن أهم ثمراتها:

أولاً: الصدقة سبب لتكفير الخطايا والذنوب

الصدقة ليست فقط وسيلة لدفع البلاء، بل هي أيضاً وسيلة لتكفير الخطايا والذنوب، فيقول الله تعالى في هذا: “إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰاتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ” (البقرة: 271).

هذه الآية تؤكد أن الله يغفر للمسلم بفضل الصدقة الكثير من الذنوب.

ثانياً: “ما نقص مال من صدقة”

من المعتقدات التي يرددها البعض أن إخراج المال للصدقة قد ينقص المال، لكن الإسلام يوضح عكس ذلك تمامًا، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما أنقص مال من صدقة” (رواه مسلم).

الصدقة تزيد المال بفضل وبركة من الله. فالإنفاق في سبيل الله يؤدي إلى زيادة البركة والرزق، وهذا من عجائب حكمة الله تعالى.

الصدقة تساعد المسلم على الدخول إلى الجنة

الصدقة تعد من أبواب الجنة، والحديث عن فضلها في دخول الجنة يأتي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار” (رواه مسلم).

في هذا الحديث، يرشد النبي النساء إلى كثرة التصدق والاستغفار كوسيلة لدخول الجنة والنجاة من النار.

الصدقة تقي من مصارع السوء

الصدقة تقي من مصارع السوء والميتة المفاجئة أو المؤلمة، ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا: “الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء” (رواه الترمذي).

الصدقة تزكي النفس

إن الصدقة تساهم في تزكية نفس المسلم وتطهير قلبه من الأمراض الروحية مثل البخل وحب المال والتمسك بالدنيا، وفي هذا الشأن جاء في كتابه العزيز: “خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا” (التوبة: 103). فالصدقة تنمي الفضائل والأخلاق الكريمة في نفس المسلم، وتجعله أكثر شعوراً بمعاناة الآخرين.

المشاريع التي يمكنك التبرع لها بصدقاتك لدى غراس الخير:

هذه فرصتكم لكسب الأجر وإكساب الفائدة للفئات الأكثر ضعفاً بمخيمات الشمال السوري ومخيمات عرسال بلبنان، فعن طريق جمعية غراس الخير الإنسانية يمكنكم ذلك.

تمارس غراس الخير العمل الإنساني منذ أكثر من 10 سنوات، وكان لنا الشرف بإفادة أكثر من 3.1 مليون إنسان في الشمال السوري، وجنوب تركيا، وعرسال، وغزة المحاصرة.

تفضلوا بالاطلاع على الحملات الخيرية في  جمعية غراس الخير الإنسانية، في هذا الرابط

 

الأسئلة الشائعة

هل صحيح أن الصدقة تدفع البلاء؟

إن هذه الآية تشجع على التصدق ووعد الله بالأجر الكريم للمحسنين، ومنه دفع البلاء عن عباده المنفقين. تصدقوا فإن الصدقة تدفع البلاء وترد القضاء. تصدق الآن وادفع البلاء عنك من خلال الإغاثة الإسلامية عبر العالم.

هل يجوز دفع الصدقة بنية دفع البلاء؟

حرج عليك في أن تتصدقي بنية دفع شر تحذرينه أو جلب خير تأملينه، ولا ينافي ذلك الإخلاص، بل هو من التوسل بالعمل الصالح وهو مشروع،

ماذا تفعل كثرة الصدقة بصاحبها؟

الصدقة تدفع البلاء عن صاحبهاـ وتنجيه من البلاء والكرب، وتطفئ غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة

هل تجوز الصدقة بنية تفريج الهم؟

فإن الصدقة وصنائع المعروف من أسباب علاج الأمراض، ودفع البلاء وتفريج الكرب، ولا مانع من أن ينوي المتصدق ذلك كله عن نفسه وعن غيره من الأقارب وغير الأقارب من المسلمين، وهو مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى، بشرط أن يكون المراد بالصدقة وجه الله تعالى أي لا رياء ولا سمعة.